[right][size=24][b][color:86d7=darkblue]منازل فاطمة الزهراء.. أم أبيها[/color][color:86d7=darkblue]
د. محمد عبده يماني[/color][/b]
[b][color:86d7=darkblue]هنا
في مكة المكرمة ولدت هذه السيدة الحبيبة والانسانة الكريمة المثلي فاطمة
الزهراء, التي ماكان يقوم لأحد عليه الصلاة والسلام غيرها, وكان يقول
اذا لقيها: مرحبا بأم ابيها[/color][/b].
[img]http://www.ahram.org.eg/MediaFiles//r1_2_9_2010_36_36.jpg[/img]
[b][color:86d7=darkblue]وقد
ولدت رضي الله عنها وارضاها في العام العاشر من زواج سيدنا محمد صلي الله
عليه وسلم بالسيدة خديجة وكان زواجا مباركا
لأشرف زوجين طاهرين من بني
الانسان.
لقد فرح النبي صلي الله عليه وسلم بها فرحا كبيرا وكان: يهدهدها ويلاطفها
هي واخواتها وكان يفرح بالبنات, وكانت فرحة خديجة
كبيرة ببشاشته, وهو
يستقبل ابنته الرابعة, وكان راضيا سعيدا بهبة الاناث كما كان راضيا انه
لم يرزق ذكرا, وكانت فرحة خديجة
أكبر حين وجدت ملامح ابنتها تشبه ملامح
أبيها, فأدركت أن الله تعالي سوف يتعهدها برعايته وعنايته, لتكون مثلا
لأبيها في خلقه وخلقه..
وقد استبشر الرسول صلي الله عليه وسلم بمولدها, وقد اعلمه الله ان نسله
سيكون منها دون غيرها, ولهذا كانت مثار اهتمام أبيها,
ولاسيما أنها
كانت تشبهه. فقد روي الحاكم في المستدرك بسنده عن أنس بن مالك رضي الله
عنه, فقال: كانت أشد الناس شبها
برسول الله صلي الله عليه وسلم,
بيضاء, مشربة بحمرة, لها شعر أسود. وسميت بالزهراء لأنها زهرة
المصطفي صلي الله عليه وسلم.
وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت أحدا من خلق
الله أشبه حديثا وكلاما برسول الله صلي الله عليه وسلم
من فاطمة.
رضي الله عنها وأرضاها.. فقد كانت نسمة كريمة طاهرة.. وسيدة فاضلة أشبه
ما تكون بسيد الخلق وقد ورثت المجد من كل جانب
وحازت الفضل.
خرجت فاطمة الزهراء الي الحياة في بيت من أعرق بيوت قريش فالأب الصادق
الأمين لا يدانيه أحد من قريش في شرفه وصدقه
وأمانته, والأم ليس في مكة
من تدانيها شرفا وعزة ورفعة..
ثم أمضت فاطمة طفولتها سعيدة بحب أبويها وتدليل أخواتها, وبخاصة كبراهن زينب التي كانت لها بمثابة أم صغيرة..
وقد رافقت هذه السيدة سيرة الدعوة الي الله التي احيطت بالحيطة والحذر
والسرية التامة, وقد بدأت الدعوة في مكة مركز دين
العرب وهم قوم يعبدون
الأوثان والأصنام وقد كان الأمر يحتاج الي عزيمة وصبر وسرية في بداية
الدعوة..
وقد تزوجت بسيدنا علي رضي الله عنه وكان زواجا مباركا ميمونا ومشي بها
النبي صلي الله عليه وسلم الي بيت علي بن أبي
طالب وتم الزواج المبارك ودعا
لهما: اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما, اللهم
انهما من احب الناس الي
فأحبهم وبارك في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظا,
واعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم.. وعندما رزقهما الله بالحسن
والحسين وبقية أولادهم كان الجميع يتمتعون بحب النبي صلي الله عليه وسلم
فقد احب فاطمة واحب زوجها علي بن أبي طالب
واحب اولادهما بنين وبنات. وقد
اعتبر اهل العلم ان فاطمة الزهراء هي رأس أهل بيت رسول الله صلي الله عليه
وسلم.
وفي اسباب نزول الآية( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا) انها نزلت في خمسة: في النبي صلي الله
عليه وسلم وعلي
كرم الله وجهه وفاطمة رضي الله عنها, والحسن والحسين رضي الله عنهما.
وقد روي الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلي الله
عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها
إذا خرج إلي صلاة الفجر
يقول: الصلاة يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم
تطهيرا.
وقال ابن جرير عن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قام
حين نزل عليه الوحي فأخذ عليا وابنيه وفاطمة
رضي الله عنهم فأدخلهم تحت
ثوبه ثم قال: رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي.
وهكذا نتعلم ان حب الزهراء رضي الله عنها وأرضاها وبنيها وآل البيت جميعا
قضية أساسية ومسألة إيمانية, فهذا رسول الله صلي
الله عليه وسلم يقول:
تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا, كتاب الله وعترتي,
وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي
الحوض, فانظروا كيف تخلفوني فيهم. فهل
نخلف رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا بالحب والتقدير والاحترام والإجلال
لآل بيته
الكرام رضوان الله عليهم جميعا, ولهذه السيدة الفاضلة البتول
النبيلة رضي الله عنها وأرضاها, نحبها لأن الله عز وجل أحبها,
ورسول
الله صلي الله عليه وسلم أحبها وأمرنا بحبها.
وهذا رسول الله صلي الله عليه وسلم يوصينا في الحديث الصحيح الذي يرويه ابن
عباس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه
وسلم: أحبوا الله لما يغذوكم
من نعمة وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي بحبي ومن هنا كانت قضية الحب
قضية أساسية في الله
ولله, ولكنها مسؤلية كبيرة يجب علي كل مسلم ان
يعلمها جيدا, وان يتعلم حب آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذه
السيدة
الجليلة رضوان الله عليهم.
وهذه المحبة خاصة تحتاج إلي ميزان عدل ووعي ومسئولية بأبعاد هذا الحب,
فنحن عندما نحب آل بيت رسول الله صلي الله عليه
وسلم نحرص علي أن نجعلهم
القدوة والأسوة لنا وعندما نحبهم لا بد أن نعرف أين نقف من ميزان الشرع
الحنيف, فنحب هؤلاء
لحبنا لرسول الله صلي الله عليه وسلم الذي ينطلق بنا
إلي حبنا لله, لأن الله أمرنا ووضح لنا عز وجل أننا إذا كنا نحب الله
فعلينا
أن نتبع رسول الله صلي الله عليه وسلم ووأن نتبع العترة الطاهرة
الشريفة وصحابته الكرام البررة الذين نقلوا إلينا هذا الدين العظيم
وعلمونا
أن نعض عليه بالنواجذ قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله..
أما وصيتها قبل وفاتها فقد حرصت عندما احست بقرب أجلها وانتقالها الي
الرفيق الأعلي ان تدفن بالبقيع ليلا, ولم يطل مرض
الزهراء رضي الله عنها
الذي توفيت فيه:, ولم يطل مقامها في الدنيا كثيرا بعد وفاة المصطفي صلي
الله عليه وسلم. والأرجح الذي
قاله المدائني والواقدي وابن عبد البر في
الاستيعاب أنها توفيت ليلة الثلاثاء يوم الاثنين من شهر رمضان سنة إحدي
عشرة من
الهجرة بعد حوالي ستة أشهر من وفاة ابيها رسول الله صلي الله عليه
وسلم.
وتوفيت وهي بنت تسع وعشرين سنة. وقيل كانت قبل وفاتها فرحة مسرورة لعلمها
باللحاق بأبيها الذي بشرها أن تكون أول أهل
بيته لحوقا به.
وسري الخبر في مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم, واجتمع الناس مقبلين
إلي بيت علي كرم الله وجهه وهو جالس, والحسن
والحسين رضي الله عنهما بين
يديه يبكيان, فبكي لبكائهما, والناس جالسون يسترجعون وينتظرون أن تخرج
الجنازة فيصلوا عليها,
فخرج أبو ذر الغفاري, وقال: انصرفوا, فإن
ابنة رسول الله صلي الله عليه وسلم قد أخر إخراجها هذه العشية, فقام
الناس وانصرفوا.
وحملت الزهراء رضي الله عنها إلي مثواها الأخير, في نعش صنعته لها أسماء
بنت عميس رضي الله عنها, وهي أول من لحقت
بالنبي صلي الله عليه وسلم من
أهله.
حملت فاطمة الزهراء بين دموع العيون, وأحزان القلوب, وصلي عليها علي
كرم الله وجهه, ونزل في قبرها, ثم وقف علي حافة
القبر يؤبنها بكلمات
تنم عن قلب مفعم بالأحزان علي فراقها.
فضم ثري طيبة الطيبة جثمان الطاهرة فاطمة الزهراء رضي الله عنها, كما ضم
جثمان أبيها المصطفي صلي الله عليه وسلم
وأخواتها الثلاث: زينب ورقية وأم
كلثوم واخيهن ابراهيم من السيدة مارية القبطية التي اهداها للنبي صلي الله
عليه وسلم مقوقس
مصر, رضي الله عنهم جميعا.
وعاد علي كرم الله وجهه, محزون القلب, دامع العين, بعد وداع الحبيبة
الراحلة, رجع إلي البيت فاستوحش فيه, ثم أحس أن الدنيا
علي زوال,
فبالأمس القريب كانت وفاة المصطفي صلي الله عليه وسلم واليوم وفاة الزهراء
رضي الله عنها, وإنا لله وإنا اليه راجعون.
وختاما فهذه لمحة عن هذه السيدة الجليلة التي هي رمز من رموز العترة
النبوية الطاهرة, وكانت كل حياتها زاخرة بالمكارم
والفضائل, فأحبتها
أمها, وأحبها أبوها, واحبت هي اخواتها, وتحدث القرآن عنهن جميعا
لأنهن بنات رسول الله صلي الله عليه
وسلم
ياأيها النبي قل لأزواجك
وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا
يؤذين وكان الله غفورا رحيما).
رحم الله الزهراء ورضي عن زوجها وبنيها, وصلي الله وسلم علي أبيها الطاهر
اكرم الخلق وخاتم النبيين والمرسلين والرحمة
المهداة للعالمين ورضي عن
امها خديجة بنت خويلد ذات المواقف النبيلة الخالدة في حياة المصطفي صلي
الله عليه وسلم[/color][/b][/size][b][/b][/right]